الثلاثاء، 8 مارس 2011

سبق سويسري يمهد الطريق لإنتاج الوقود بكفاءة من أشعة الشمس

الأستاذ آلدو ستينفيلد يعايِـن مرحلة الاختبار

حقّـق العلماء في سويسرا اختراقا عِـلميا باكتشافهم لوقود للسيارات والطائرات يُـمكن 

إنتاجه بالإعتماد على الطاقة الشمسية، وهو الآن يواجِـه تحدِّيَ الإنتاج التجاري 

والوصول إلى الأسواق.

توصَّـل علماء من جامعتيْـن سويسريتيْـن، بالتزامن مع ما توصَّـل إليه نظراء 

أمريكيون، إلى تطوير تقنية جديدة لإنتاج وقود محايِـد للكربون، ويأمل هؤلاء العلماء 

في أن يتمكَّـنوا من سدّ حاجة العالم من الوقود وأن تحتضِـن الصناعة مشروعهم، 

بحيث يتيسَّـر لهم اقتحام الأسواق قبل نهاية العقد الحالي.


وتعتمِـد التقنية الجديدة على مبدإ تكسير الماء وثاني أكسيد الكربون إلى مكوِّناتهما 

الأساسية، داخل مفاعل يقوم بتجميع أشعَّـة الشمس ثُـم استخدامها ضِـمن دورة تفاعلات 

كيماوية حرارية، شبيهة بعملية التمثيل الضوئي لدى النبات، التي يتم بواسطتها تحويل 

أشعة الشمس إلى طاقة.
 
وتبدأ العملية بتجميع وتكثيف أشعة الشمس ثُـم إمرارها إلى داخل مفاعل أسطواني 

الشكل مبطّـن بمادة أكسيد السيريوم، والتي تُـعرف أيضا باسم "سيريا ceria"، ثم 

يُضَـخ الماء أو ثاني أكسيد الكربون داخل المفاعل، فتقوم مادة السيريا بتجريدهما مما 

يحتويان من ذرات أكسجين، فينتج عندئذ الهيدروجين وأول أكسيد الكربون، بحيث 

يُعطِيان عند اتِّـآحادهما غاز يُـعرف باسم "سينغاز syngas" يمكن تحويله إلى وقود 

سائل تستخدمه السيارات والسفن والطائرات وغيرها. 


تحسين الكفاءة

ووِفقا لأولى التجارب الناجحة، التي أجرتها فِـرق البحث التابعة للمعهد التقني الفدرالي 

العالي في زيورخ ولمعهد بول شيرر في كانتون آرغاو ولمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا 

في الولايات المتحدة، فقد بلغت الطاقة المنتَجَة حوالي 0,8٪ من الطاقة الشمسية التي 

يستخدمها المفاعل.
 
قد تكون النتيجة متواضعة، ولكن القائمين على البحث واثقون من إمكانية زيادة كفاءة 

عمل المفاعل، بحيث تصل الطاقة المنتَجة إلى مستوى يزيد عن 15٪، بحسب آلدو 

ستينفيلد، أستاذ الميكانيكا والتطبيقات الهندسية في المعهد التقني الفدرالي العالي في 

زيورخ.
 
وأفاد ستينفيلد قائلا لـ swissinfo.ch بأنه نظرا لكون: "المعدّل الحالي للكفاءة 

متواضعا، فإن ما يمكننا إنتاجه من الوقود سيكون أغلى بكثير من الوقود التقليدي"، ثم 

أضاف قائلا: "مَـن ذا الذي سيقبل بأن يتكلف تزويد سيارته بالطاقة الشمسية ضعفي أو 

ثلاثة أضعاف تكلفة الوقود التقليدي؟". واستدرك قائلا: "لكن، إذا تمكَّـنا من بلوغ 

الكفاءة المأمولة، عند ذلك سيتهيَّـأ لنا الطريق إلى السوق".
 
ووفقا للفريق، فإنه من المتوقَّـع أن يكون بالإمكان إنتاج كميات تجارية كبيرة من الوقود 

الشمسي بحلول عام 2020، وهذا يتطلَّـب إنشاء محطَّـات ذات أبراج لتوليد الطاقة 

الشمسية، التي تصل طاقتها إلى ميغاواطات، أي ملايين الواطات بدلا من الألفيْ واط 

المُـستخدمة في التجارب المعملية.


حواجز تجارية

ومن جانبه، رأى رولف هارتل من رابطة النفط السويسرية، أن هكذا مشاريع تتطلّب 

مساهمة القطاع الصناعي، بل لعلّـها تحتاج أيضا إلى رأس مال استثماري مجازِف، 

ذلك أن الكثير من الأفكار والمشاريع الجيدة، ذات الصلة بالتكنولوجيا النظيفة، فشلت 

في تحقيق النجاح في عالم التجارة. وبحسب هارتل "المشكلة هي أن النتيجة التي قد 

يُتَـوصّل إليها في المختبر، قد تكون مختلفة تماما إذا ما واجهت الميدان الصناعي"، 

وبالتالي، على حدّ قوله لـ swissinfo.ch: "من المُـهم للغاية وضع مثل هذه 

المشاريع في المسار الصحيح".
 
ومن جهة أخرى، أشار رولف هارتل إلى أن العالم منذ عشرين سنة، استبشر بوقود 

الهيدروجين ليحل محل الوقود الأحفوري، إلا أن الآمال تبدّدت عند عتبة عالم 

التصنيع. وحيث لم يكن في وارد هارتل أن يرسم صورة قاتمة، فقد لفَتَ قائلا: "لكنني

 لا أريد أن أكون متشائِـما وسلبِـيا، ذلك أن الطاقة الشمسية نظيفة ووفيرة، وهو ما 

يُكسِـب هذا المشروع أهمية خاصة".
 
والغريب، أن المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ قرّر عدم التقدّم للحصول على 

براءة اختراع، والسبب يعود إلى أن المعهد يولي الأهمية الكبرى لطريقة تسويق 


الفكرة، وهو يرفض تسجيل الاختراع باسمه "ليفتح المجال أمام مزيد من البحث"، 

على مدى السنوات العشر التي من المتوقّـع أن يحتاجها تحقيق النجاح على المستوى 

الصناعي.
 
وعلى ذات الصعيد، يؤكِّـد ستينفيلد قناعته بأن أبحاث الوقود الشمسي النظيف، ستنجح 

وستؤتي ثمارها في المستقبل القريب، وذلك راجِـع في الأساس إلى وفرة الطاقة 

الشمسية النظيفة التي ستكون أسعارها أقل تقلبا مما نشاهده في الوضع الحالي بالنسبة 

لأسعار النفط والغاز، ونظرا لأن إمدادات الطاقة الشمسية غير محدودة، فإنها ستكون 

أدعى في الحِـفاظ على استقرار الأسعار.
 
كما أن كلمة الفصل بشأن مستقبل إمدادات الطاقة في العالم، سيكون للبيئية، وهي التي 

ستُخوَّل دون غيرها بالحُـكم النهائي، بحسب قناعة ستينفيلد، الذي خَلص إلى القول: 

"عند نقطة ما، سوف ينعكس التلوّث البيئي جِـذريا على سِـعر الوقود الأحفوري. وفي 

اعتقادي، أنه إذا ما أخِـذت هذه التكاليف الخارجية في الاعتبار، فإن سِـعر وقود الطاقة 

الشمسية سيكون نفس سِـعر الوقود الأحفوري، إن لم يكن أرخص".
 
نعم، وقود الطاقة الشمسية "لا يزال أمامه بضع سنوات، ولكني متأكّـد من أن المستقبل 

لصالحه".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر : أخبار سويسرا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق